منتدى ماستر القضاء الإداري
منتدى ماستر القضاء الإداري
منتدى ماستر القضاء الإداري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ماستر القضاء الإداري

منتدى يهدف إلى توفير كل مايخص طالب القضاء الإداري من معلومات وبالتالي الرقي بمستواه المعرفي والقانوني,
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
كن إبن من شئت واكتسب أدبا ---- يغنيك محموده عن النسب

 

 الأحكام القضائية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 135
تاريخ التسجيل : 11/10/2012

الأحكام القضائية Empty
مُساهمةموضوع: الأحكام القضائية   الأحكام القضائية Icon_minitime1الأربعاء يوليو 17, 2013 4:59 pm

مقدمة
لما كان محظورا على الأفراد أن يقتدوا حقوقهم بأنفسهم فانه كان من اللازم إيجاد جهة تحمي حقوقهم وتحافظ عليها، وعليه فان السلطة القضائية تعتبر هي الجهة المخول إليها حماية حقوق الأفراد وكذا المحافظة عليها ودلك بما تمتلكه من وسائل وإمكانيات.
وتقوم السلطة القضائية بتطبيق القوانين والفصل في المنازعات التي تعرض عليها من قبل الأفراد ولن يتأتى ذلك إلا بواسطة الأحكام التي تصدرها والتي يقصد بها في معناها الواسع القرارات التي تصدر عن المحاكم وفي معناها الخاص القرارات الصادرة عن محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا ومختصة طبقا للقانون في خصومة رفعت إليها ووفقا للقواعد والإجراءات المسطرية المتطلبة قانونا.
ويجب أن يصدر هذا القرار من شخص تتوافر فيه الولاية والاختصاص والصلاحية الخاصة والعامة لإصداره، وذلك لكي يكون القرار صحيحا من الناحية الإجرائية. وهذا القرار قد يكون فاصلا في موضوع النزاع سواء تعلق بأصل الحق موضوع أصل الحق المطالب به أمام المحكمة.
والحكم القضائي باعتباره قرارا صادرا في خصومة هو إعلان عن رأي القانون بشكل ملزم في المسألة المطروحة على المحكمة والمطلوب الفصل فيها.
ويتميز الحكم القضائي بمجموعة من الأركان، أهمها :
1. أن يكون متخذا في خصومة رفعت بشأنها قضية بين خصمين : إن الحكم القضائي لا يصدر إلا بناء على مطالبة قضائية، يتقدم به المدعي مطالبا الحكم له بشيء محدد ضد شخص معروف هو المدعى عليه.
2. أن يتخذ القرار من هيئة مشكلة وفقا للقواعد التي نص عليها قانون المسطرة المدنية :
• قاض منفرد وكاتب الضبط بالنسبة للقضاء الفردي في المحاكم الابتدائية.
• ثلاث قضاة وكاتب الضبط بالنسبة للقضاء الجماعي ومحاكم الاستئناف.
• رئيس المحكمة الابتدائية والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وكاتب الضبط عندما يمارسان مهام قاضي المستعجلات.
• خمسة قضاة وكاتب الضبط في قضايا الطعن في قرارات مجلس هيئة المحامين وتأديب العدول وغرف الجنايات بمحاكم الاستئناف وغرف المجلس الأعلى، بالإضافة إلى ممثل النيابة العامة عندما يكون حضوره إلزاميا. فإذا صدر الحكم من عدد أقل اعتبر وكأن لم يكن.
3. أن يكون مكتوبا في الشكل المقرر قانونا : مثله مثل أية ورقة من أوراق الإجراءات القضائية التي تتصف جميعها بالشكليات والرسمية
ولا تعتبر الأحكام أحكاما لها قوة الأحكام القضائية وحجيتها إلا إذا توفرت فيها هذه الأركان مجتمعة، فإذا اختل أحدها انعدم الحكم، ولا يحتاج إلى التصريح بانعدامه من طرف المحكمة بل يقتصر من طولب بتنفيذه بالدفع بانعدامه، كما من حق عون التنفيذ أن يمتنع عن مباشرة إجراءات تنفيذ حكم تبين له أنه منعدم، وليس معنى هذه أن عون التنفيذ له الصفة القضائية، لكن امتناعه من تنفيذ حكم منعدم يدخل ضمن عمله الذي هو تنفيذ الأحكام.
ونظرا للحجية التي تتمتع بها الأحكام القضائية فإن بعض التشريعات كالقانون الإنجليزي، اقتصر التنفيذ على الأحكام والقرارات القضائية وحدها، والحكم المقصود هنا هو القرار النهائي الذي تنتهي به الدعوى ويكون حجة فيما يفصل فيه بوصفه حقيقة قضائية, وهو على نوعين : الحكم القطعي، أي الحكم الفاصل الذي تصدره المحكمة في خصومة معروضة على القضاء وتبت أو تقطع به في درجتها الاعتيادية، والحكم النهائي، وهو الحكم الذي استكمل جميع مراحل الطعن ووصل إلى الدرجة النهائية ولم يعد قابلا للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن القانونية.
وبالرغم من أن الأحكام القضائية تعد من أقوى السندات التنفيذية، إلا أن هذا الإطلاق تقيده نصوص قانونية أخرى، تستلزم تحقق توافر شروط معينة في الأحكام حتى تقبل التنفيذ، تتمثل أهم هذه الشروط :
1. أن يكون الحكم المراد تنفيذه صادرا وفقا لقواعد الاختصاص للمحكمة،
2. أن يكون الحكم المطلوب تنفيذه، قد صدر وفق الإجراءات التي حددها قانون المسطرة المدنية ،
3. أن يكون الحكم متضمنا الإلزام بتسليم شيء معين أو بعمل شيء أو بعدم عمله،
4. أن لا يكون الحكم المطلوب تنفيذه غامضا بحيث يتعذر على دائرة التنفيذ القيام بتنفيذه،
5. أن لا يكون الحكم مستحيل التنفيذ،
6. أن لا يكون الحكم المطلوب تنفيذه، قد مضت عليه مدة التقادم المسقط.
من خلال كل ما تقدم يتبين أن الحكم القضائي تلفه مجموعة من الإشكاليات، أهمها معرفة تقسيماته وقواعد إصداره ثم الآثار المترتبة عن قيامه. وعلى ضوء هذه الإشكالية سنعالج الموضوع من خلال مبحثين، الأول يتطرق لتقسيم الأحكام في حين خصص الثاني لدراسة عناصر الأحكام والآثار المترتبة عنها.
المبحث الأول : تقسيم الأحكام
تعتبرالأحكام القضائية هي النهاية الطبيعية التي تختم بها الخصومة القضائية بعد تقديم الأطراف لطلباتهم وبعد الإجراءات التي يتبعها القاضي ومن تم يمكن تعريف الأحكام في معناها الواسع بالقرارات التي تصدر عن المحاكم أما ي معناها الخاص فهي إقرارات الصادرة عن محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا ومختصا طبقا لقانون في خصومة رفعت إليها سواء كان صادرا في موضوع الخصومة أو في شق منه أو في مسألة متفرعة عنه.
على أن الأحكام القضائية ليست واحدة وإنما ثمة عدة أنواع وتصنيفات فهذه الأحكام تتنوع بحسب الزاوية التي ننظر إليها منها. فمن حيث صدور الأحكام بحضور أو غياب الأطراف يميز بين الأحكام الحضورية والأحكام الغيابية ، فمن حيث قابليتها للطعن نبغي التفريق بين الأحكام الابتدائية والأحكام النهائية والأحكام الحائزة لقوة الشيء به والأحكام الباتة أو النهائية، ومن حيث إمكانية الرجوع في المسائل التي فصلت فيها إلى أحكام قطعية وأخرى غير قطعية.
وانطلاقا مما سبق سنعالج هدا المبحث من خلال مطلبين يتناول الأول ( الأحكام الحضورية و الأحكام الغيابية و الأحكام الابتدائية و الأحكام الانتهائية ) والمطلب الثاني ( ويتناول الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به والأحكام النهائية و الأحكام القطعية والأحكام غير القطعية)
المطلب الأول الأحكام الحضورية و الأحكام الغيابية و الأحكام الابتدائية و الأحكام الانتهائية
الفرع الأول : الأحكام الحضورية والأحكام الغيابية:
يكون الحكم حضورا أو غيابيا حسب حضور أو غياب الخصوم ففي الحالة الأولى يعني حضور الخصوم حضورا ماديا وشخصيا أو بواسطة وكلائهم أثناء الجلسة، ومتى حضر هؤلاء عند المناداة عليهم في الجلسة صدر الحكم حضوريا في مواجهتهم، ويترتب على ذلك انه بإمكان المتضرر أن يطعن بالاستئناف في الحكم الذي صدر ضده اللهم إذا تعلق الأمر بالأحكام غير القابلة للاستئناف.
أما في حالة الثانية فالحضور لا يستوجب أن يحضر الأطراف شخصيا إلى الجلسة، وإنما يكفي أن يتقدم المدعي عليه أو نائبه بالجواب الكتابي عما جاء في المقال الذي رفعه المدعي المحكمة، أو أن يبعث إلى كتابة الضبط في الجلسة المحددة للنظر في الدعوى أو قبل الأجل الذي يعينه القاضي المقرر إذا أجرى بحا في القضية سواء حضر المدعي عليه شخصيا أو نائبه في الجلسة أم لا.
ويترتب على ما سبق إن الحكم الصادر في هذه الحالة يكتسي الصبغة الحضورية، أما إذا لم يحضر المدعي عليه أو وكيله أو لم يقدم ردوده على ادعاءات المدعي، فإن الحكم يصدر في حقه غيابيا ويجوز له أن يطعن فيه بالتعرض شرط أن لا يكون قابلا للاستئناف.
الفرع الثاني : الأحكام الابتدائية والأحكام الانتهائية:
الأحكام الابتدائية هي التي تصدر عن المحاكم الابتدائية سواء العادية أو الإدارية أو التجارية،هي الأحكام القابلة للطعن بالاستئناف أي الأحكام الصادرة في قضية يكون المطلوب فيها غير محدد كالقيام بعمل او الامتناع عن عمل او يكون طلب أداء مبلغ يفوق 20.000 درهم حسب التعديل الجديد الذي عرفه الفصل19 من ق م م بموجب قانون 10.35 .
أما الأحكام الانتهائية فهي التي لا تقبل الطعن بالاستئناف والحكمة من منع استئناف الأحكام الإنتهائية هي التخفيف على محاكم الدرجة الثانية، لكن وحفاظا على حق المتقاضين سمح المشرع بالطعن في الأحكام الانتهائية عن طريق النقض وأن كانت الأحكام الانتهائية الصادرة عن المحاكم الابتدائية قلما يطعن فيها بالنقض.
المطلب الثاني الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به والأحكام النهائية و الأحكام القطعية والأحكام غير القطعية
الفرع الأول : الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به والأحكام النهائية
الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به هي التي لا تقبل طرق الطعن العادية من تعرض واستئناف، وان كانت تقبل الطعن بالطرق الغير عادية كإعادة النظر وتعرض الغير الخارج عن الخصومة والنقض.
أما الأحكام النهائية أو الباتة فهي التي لا تقبل أي طريق الطعن سواء كان عاديا أو غير عادي، ويكون الحكم نهائيا أو باتا في الحالات التالية:
إذا صدر عن المحكمة الابتدائية وأهمل المحكوم عليه الطعن فيه سواء بالاستئناف إذا كان قبلا له، أو بالتعرض إذا كان غيابيا أو بطرق الطعن غير العادية ففي هذه الحالة يصبح الحكم المذكور نهائيا وفاصلا في الموضوع لأن سكوت المحكوم عليه عن الطعن يحمل على قبوله ورضاه به.
إذا صدر حكم من محكمة الاستئناف، ولم يطعن فيه المحكوم عله سواء بالتعرض إذا كان غيابيا أو بطرق الطعن غير العادية خاصة النقض ففي هذه الحالة وبعد انصرام الآجال القانونية المحددة لمباشرة الطعون المسموح بها دون تحريك ذي المصلحة لأي ساكن ينتقل الحكم المذكور إلى حكم نهائي وبات لا يقبل أب طري من طرق الطعن.
إذا بلغ الحكم مرحلة التقاضي أمام محكمة النقض ففي هذه الحالة يصبح الحكم نهائيا إذا صدر فيه قرار نهائي عن محكمة النقض ما لم يكن قابلا لإعادة النظر ويستوي أن يكون قرار المحكمة مؤيدا أو ناقضا للحكم المطعون فيه.
الفرع الثاني : الأحكام القطعية والأحكام غير القطعية:
الأحكام القطعية هي التي تحسم النزاع المعروض على المحكمة ولو كانت غيابية قابلة للتعرض أو ابتدائية قابلة للاستئناف، وقد يختلط الحكم القطعي بالحكم النهائي نظرا لتقاربهما لكن الفرق قائم بينهما فالحكم القطعي يحسم النزاع في مسألة معينة أو في موضوع الدعوى برمته، أما الحكم النهائي فهو الذي يفصل في النزاع بصورة نهائية إذ لا يقبل أي طريق من طرق الطعن.
أما الأحكام غير القطعية فهي التي لا تحسم نزاعا ما وإنما تتعلق بسير الخصومة كقرار تأجيل الدعوى والتالي فهي لا تفصل في النزاع وإنما تبث في إجراء من الإجراءات التحفظية كتعيين حارس قضائي أو تأمر إجراء من إجراءات التحقيق كتوجيه اليمين أو الأمر بالقيام بالمعاينة وتعرف هذه الأحكام كذلك بالأحكام التمهيدية.
وللتميز بين الأحكام القطعية والأحكام غير القطعية أهمية قصوى فالأولى تتمتع بحجية كاملة إذ لا يجوز للمحكمة أن تعدل عنها كما لا يسوغ عرض النزاع الذي حكمت فيه من جديد على محكمة أخرى إلا إذا كانت هذه المحكمة هي المختصة بالنظر في الطعن الذي قدم ضد الحكم القطعي الصادر عن المحكمة الأولى أما الثانية فليست إلا أحكاما وقتية وتحفظية لا تحسم في النزاع ولا في نطة فه وهذا يعني أن بإمكان المحكمة العدول عنها وعدم تنفيذها فضلا عن إمكانية عرضها من جديد على محكمة أخرى للنظر فيها.
ومن هنا يمكن القول أنه رغم تعدد أنواع الأحكام لا يؤثر في ما ينبغي توافره من عناصر وبيانات في الأحكام إذ يستوجب المشرع احترام بعض الشكليات تحت طائلة البطلان.
المبحث الثاني : عناصر الأحكام والآثار المترتبة عنها
المطلب الأول : عناصر الأحكام
خلال هذا المطلب سنلقي الضوء على أهم العناصر التي تشكل الأحكام، أهمها الوقائع (الفرع الأول) ، ثم التعليل ومنطوق الحكم (الفرع الثاني).
الفرع الأول : الوقائع
الفقرة الأولى : استخلاص الوقائع
يقصد بالوقائع في فقه المسطرة المدنية بشكل عام السرد التاريخي للنزاع المعروض على المحكمة مع ذكر الأدلة الواقعية والحجج القانونية وما حصل فيها من إجراءات في جلسة المناقشات والمرافعات،وتكون هذه الوقائع متماشية مع أسباب الحكم ومنطوقة وتؤثر على نتائج الدعوى .
وتكمن أهمية الوقائع، في أنها تبين المراحل التي مرت منها المنازعة،وتعطي فكرة عن مدى التزام القاضي في حكمه بحدود طلبات الأطراف بالحياد في توجيه الإجراءات وباحترام قواعد الإثبات .
وقد أشار الفصل50 من قانون المسطرة المدنية إلى بعض ما يدخل في الوقائع :
 تتضمن الأحكام أسماء الأطراف الشخصية والعائلية وصفتهم أو مهنتهم وموطنهم أو محل إقامتهم،وكذا عند الاقتضاء أسماء وصفات وموطن الوكلاء.
 توضح حضور الأطراف أو تخلفهم مع الإشارة إلى شهادة التسليم
 تتضمن أيضا الاستماع إلى الأطراف الحاضرين ا والى وكلائهم وكذا مستنتجات النيابة العامة عند الاقتضاء.
 يشار أيضا إلى مستنتجات الأطراف مع تحليل موجز لوسائل دفاعهم والتنصيص على المستندات المدلى بها والمقتضيات القانونية المطبقة.
تنص الأحكام على أن المناقشات قد وقعت في جلسة علنية أو سرية وان الحكم قد صدر في جلسة علنية، ووفقا للفقرة السادسة من الفصل المذكور القاضي لا يكون ملزما باستعراض كافة الجزئيات وإنما عرض وجز لبعض الوقائع الهامة، ولو أن المشرع يستعمل لفظ التحليل عوض العرض الذي دأب عليه القضاء وقد خصص المشرع الفصل50 أعلاه للبيانات والشكليات التي يتعين على الحكم الصادر عن المحاكم الابتدائية واستعمال القياس بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية والمحاكم الإدارية .
ويضطلع القضاة بمهمة أساسية في استخلاص الوقائع حيث لا بد إن يكونوا على كفاءة عالية ومتمتعين بذكاء وفطنة كبيرين،ومن المستقر عليه فقها وقضاءا أن استخلاص الوقائع من المسائل الموضوعية التي يستقل القاضي بتقديرها،ولا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض.
الفقرة الثانية : رقابة محكمة النقض على استخلاص الوقائع.
على الرغم من استخلاص الوقائع من مسائل الموضوع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع،والتي لا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض فإن هذه الأخيرة تتدخل في بعض الحالات لمراقبة القاضي، ويتعلق الأمر بإعمال قواعد الإثبات من طرف قاضي الموضوع.
إن القاضي وهو يقوم باستخلاص الوقائع ملزم باحترام القواعد القانونية المقررة في مجال الإثبات وإلا عرض حكمه للنقض، لان القواعد المذكورة تدخل في مجال القانون الذي يخضع لرقابة محكمة النقض.
فلا يمكن للقاضي قلب عبء الإثبات، ولا قبول دليل شفوي في الوقت الذي يستلزم القانون الدليل
الكتابي، ولا يتجزأ الإقرار إذا كان هو الحجة الوحيدة على المقرر. وحسب بعض الفقه تقوم محكمة النقض بمراقبة قضاء الموضوع في مجال استخلاص الوقائع في الأمور الآتية:
1. قواعد الإثبات الشكلية أو الإجرائية
2. قواعد الإثبات الموضوعية
3. سير إجراءات الدعوى ومراقبة الأوراق الثابتة فيها تلك الإجراءات ل>لتقدير السليم لأدلة الدعوى.
الفرع الثاني : التعليل ومنطوق الحكم
الفقرة الأولى : التعليل
أولا : أحكام عامة
لم يتطرق المشرع المغربي على غرار الغالبية العظمى من التشريعات الحديثة إلى تعريف التعليل أو التسبيب أو التحييث، وإنما اكتفى في الفقرة الثامنة من الفصل الخمسين بالإشارة إلى وجوب تعليل الأحكام .
ويراد بتعليل الأحكام تضمينها الأسباب الضرورية التي أفضت إلى وجوده، والأسباب هي الجزء الثاني من ورقة الحكم، وهي التي يجب فيها على المحاكم أن تسبب الأحكام الصادرة عنها، سواءا كانت صاحبة الاختصاص العام، أو الهيآت القضائية صاحبة الاختصاص الاستثنائي، وهو يتناول كل حكم قضائي وسواء تعلق بالواقع أو بالقانون، وسواء كان نهائيا أو مشمولا بالنفاذ المعجل.
ويقصد به كذلك " بيان الأوجه الواقعية والقانونية التي يرتكز إليها القاضي في بناء حكمه وإصداره وفق منطوقه على أساس أن يكون موافقا لإرادة القانون الخاصة في الحالة الواقعية المعروضة عليه.
إذن فالتعليل يمثل المرحلة التمهيدية للحكم وتتضمن الأسس والمقومات التي يبني عليها القاضي حكمه.
ويكتسي التعليل أهمية قصوى، فهو الضمانة الأساسية لحياد القاضي وعدم انحيازه إلى أي من الأطراف، وهو الوسيلة الفعالة لتلافي الظلم وتحقيق العدالة والإنصاف، وتقريب الحقيقة القضائية من الحقيقة الواقعية. كما يعد وسيلة لتحقيق المساواة ببين الأفراد إذ يحاكمون وفقا لنفس القاعدة ولا فرق ببين هذا وذاك.
وما يزيد من أهمية التعليل ما يقوم به من وظيفة في الأحكام الفاصلة في الدعوى، فهو الوسيلة التي تساعد على توحيد الأحكام القضائية بالمملكة إذ على الرغم من اختلاف القضايا وتباين وقائعها ، نجد ترابط منطقيا وتسلسلا واحدا في الأحكام ، إذ يشير القاضي إلى وقائع القضية قبل تكييفها وإضفاء الوصف القانوني المناسب لها واستنتاج النتائج القانونية التي تؤدي إلى منطوق الحكم متناسب مع الأجزاء السابقة.
وهو كذلك المناسبة التي من خلالها يتدخل قضاء النقض ليراقب عمل القضاة، وهذا خلافا لاستخلاص الوقائع والتكييف، فكل حكم لا يتضمن التعليل، أو كان ناقصا، أو كانت أجزاؤه متناقضة مصيره النقض.
ومع أن التعليل أمر واجب في الأحكام ، فإن ثمة حالات لا يكون فيها ضروريا ويتعلق الأمر بما يلي :
a. الحالة التي تتوفر فيها الأسباب الواقعية والقانونية ويمارس القاضي فيها سلطة تقديرية واسعة أو مطلقة. إذ لا يلزم القاضي بتعليل اختياره لأن الاختيار وحده كاف للإفصاح عن سببه، ومع ذلك فالإعفاء من التعليل في هذه الحالة مشروط بإجازة المشرع للقاضي إعمال سلطته التقديرية، كما هو الحال بشأن الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية الذي يعطي لغرفة المشورة صلاحية رفض أو قبول طلب التنفيذ المعجل.
b. الحالة المنصوص عليها في الفصل 54 من قانون الالتزامات والعقود والتي أعطى فيها المشرع للقاضي سلطة تقدير واسعة، وتتعلق بإبطال العقد المبني على حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة.
c. حالة تقدير النفقة للزوجة، إذ أوقف المشرع في المادة 189 من مدونة الأسرة تحديد النفقة على عناصر موضوعية يتمتع القاضي بسلطة واسعة في الاعتداد بها، وهي التوسط ودخل الزوج، وحال (المستحق)، ومستوى الأسعار، والأعراف والعادات السائدة في الوسط الذي تفر فيه النفقة.
d. حالة الأمر بمنح أجل للمدين إذا كان مركزه لا يسمح بالوفاء فور مطالبة الدائن بدينه، إذ خول الفصل 165 من قانون المسطرة المدنية للقاضي سلطة واسعة في منح الأجل المذكور أو رفضه.
على أنه ينبغي الإشارة إلى أن الفصل 243 من قانون الالتزامات والعقود يمنح نفس الصلاحية للقاضي، لكن بسلطة تقديرية ضيقة النطاق، وهذا خلاف الصيغة التي ورد بها الفصل 165 المذكور.
e. حق زيارة الأب لأولاده في الحالة التي تكون الحضانة للأم، وقد نص على هذه الحالة المادة 182 من مدونة الأسرة الذي جاء فيها:
في حالة عدم اتفاق الأبوين، تحدد المحكمة في قرار إسناد الحضانة، فترات الزيادة وتضبط الوقت والمكان بما يمنع قدر الإمكان التحايل في التنفيذ.
تراعي المحكمة في كل ذلك، ظروف الأطراف والملابسات الخاصة لكل قضية. ويكون قرارها قابلا للطعن.
فالقاضي إذن هو صاحب الكلمة في تقدير وشكل حل تحديد فترات الزيارة دون أن يحتاج في ذلك إلى تعليل قراره واختياره.
ثانيا : القواعد الجوهرية للتعليل
هناك عدة قواعد يتعين على القاضي الالتزام بهدف اتقاء الطعن في حكمه منها :
1. يجب أن يتضمن الحكم التعليل أو يحيل على الحكم الابتدائي
تنص الفقرة السابعة من الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية على وجوب تعليل الأحكام الابتدائية، ومعلوم أن التعليل مرحلة تلي الإشارة إلى وقائع الدعوى وحجج الأطراف، وبمقتضى التعليل المذكور يمكن التحقق من سلامة العملية الذهنية التي يقوم بها وهو يطبق القانون على الوقائع، كما لو رفض ادعاءات الأطراف أو قبلها، وكما إذا لم يتضمن الحكم بذاته الأسباب ولكنه يحيل على الحكم الابتدائي، وكما هو واضح فهذه الحالة تتعلق بتأييد القرار الاستئنافي كليا للحكم الصادر عن محكمة أول درجة.
على أن محاكم الاستئناف تعمد إلى إعادة نفس العلل والأسباب التي تضمنتها الأحكام الابتدائية، وليس ذلك عيبا من عيوب التعليل في نظر محكمة النقض وبالتالي لا يمكن أن تكون القرارات الإستئنافية التي تبنت تعليل المحاكم الابتدائية محل الطعن.
ومما صدر في هذا الإطار عن المحكمة المذكورة ''محكمة الاستئناف لما رفضت الحكم بما يطلبه المتعرض بناءا على أن حيازة الدولة لأراضي النزاع تتوفر على الشروط المطلوبة شرعا، الشيء الذي يجعلها كاملة لعدم سماع دعوى القائم وقبول بينة، فقد أجابت بذلك عن الحجج المدلى بها من طرفه ضمنيا كما أنها تتبنى حيثيات الحكم المستأنف الناص على عدم قيام حجة الغصب المزعوم"
2. على القاضي أن يحترم الإثباتات الموضوعية والإجرائية أو الشكلية (أنظر في ذلك رقابة محكمة النقض على استخلاص الوقائع)
3. لا يلزم القاضي أثناء قيامه بالتعليل بأن يسبب بتفصيل الحكم، وإنما يمكنه أن يبين ما يراه كافيا لتعليل الحكم وتسبيبه، وقد أكدت محكمة النقض هذه المسألة في قرار جاء فيه : "أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بأن تعلل في حكمها نتائج البحث الذي أجرته أو وجوب تحليل نتائجه"
على أنه ينبغي أن يرد القاضي على طلبات ودفوع الأطراف ولو بسبب واحد، شامل وكاف للرد عليها.
4. يجب أن تكون علل الحكم كافية لقبول المنطوق الصادر بناءا عليها، ويساعد على كفايتها وقبولها ووضوحها ودقتها، فضلا عن أن ذلك يسهل عملية المراقبة التي تقوم بها محكمة النقض.
ويجب إلى جانب ما سبق، أن تكون العلل متسقة فيما بينها وبين المنطوق، فلا يعقل أن تكون الأسباب توحي برفض أو نقض الطلب، في الوقت الذي يكون المنطوق موافقا له.
5. يجب أن يكون التعليل مسايرا للمنطق، إذ يكون معقولا في ذاته ومنطقيا إذ لا يثير اندهاش المطلع عليه أو استغرابه، وإذا وقع وأغفل القاضي القواعد المذكورة، أو أهمل القيام بالتعليل بشكل كلي فمصير حكمه هو النقض إما لانعدام التعليل أو لنقصانه.
ويقصد بانعدام التعليل خلو الحكم من الأسباب أو هو عدم الرد من طرف قاضي الموضوع على وسيلة مما أثاره الخصوم.
وقد ذهبت محكمة النقض إلى اعتبار انعدام الرد بمثابة انعدام الأساس القانوني للحكم. ومما ورد عنه بهذا الخصوص :
"وحيث أن الحكم المطعون فيه أشار إلى أن المدعى عليه أدلى برسم الطلاق الذي تتحمل المدعية بموجبه نفقات أولا دها، كما أشار إلى أنها ادعت الارتجاع وأدلت بحجة على ذلك، ولم يشر إلى اطلاع المدعى عليه على هذه الحجة ولم يقل فيها ما عنده.
وحيث أن مقال المدعية وإن كان يتضمن الدعوى في النفقة لمدة ستة أشهر والتي لا تبلغ قيمتها ثلاثة آلاف درهم، إلا أن هذه الدعوى ترتب عليها نزاع آخر يوجب سقوط هذه النفقة على المدعى عليه بسبب الطلاق ثم نزاع آخر في سبب يجعلها على كاهله من جديد وهو دعوى الارتجاج والكل طلبات غير محددة كان على الحكم أن يتناولها ويبت بالقبول أو بالرفض.
وحيث أن الحكم سكت عن هذا كله وفصل في القضية من ناحية الشكل بعدم قبول الاستئناف وبإلغاء طلب الاستئناف جوهرا، فإنه لم يجعل لما قضى به أساسا..... "
الفقرة الثانية : منطوق الحكم
يعد المنطوق أهم جزء في الحكم، لأنه الجزء الذي يتضمن حل النزاع المعروض على القضاء .
وقد عرفه البعض بأنه "النتيجة التي خلصت إليها المحكمة من أسباب الحكم وهو الخلاصة الموجزة التي تلي عبارة بناء عليه الواردة في ختام كل حكم".
وعرف البعض الأخر بأنه "نص المحكمة في الطلبات التي عرضها الخصوم، وهذا الجزء من الحكم هو أهم أجزائه، وهو الذي يجب أن يتلى شفويا في الجلسة وبه تحدد حقوق الخصوم المحكوم بها، لذلك فهو الذي يجوز الحجية وهو الذي يطعن فيه المحكوم عليه".
وحسب البعض المنطوق هو "القرار الذي تتخذه المحكمة وتفصل فيه بناءا على ادعاءات الأطراف إما كليا وإما جزئيا، وذلك بعد عبارة "فلهذه الأسباب" أو "من اجله" وهي التي تكون مناط التنفيذ، وهي الهدف والمقصود من كلمة الحكم ومن كل إجراءاته، وقد اصطلح على تسميته في القضاء المغربي، وبالمنطوق أو منطوق الحكم كان تقول المحكمة في نهاية حكمها "لهذه الأسباب حكمت المحكمة بإلزام المدعي عليه... بتأديته للمدعي مبلغا قدره... مع تحميله الصائر، أو حكمت المحكمة بإلغاء طلب المدعي... مع تحميله مصاريف الدعوى.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي على ما يبدو من الفقرة الثامنة من الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية يقصد بمنطوق الحكم ذاته، ذلك انه ينص على انه "يبلغ كاتب الضبط حالا عند صدور الحكم حضوريا ومعاينة حضور الأطراف أو وكلائهم بالجلسة الحكم الذي صدر ويسلم لهم نسخة من منطوق الحكم ويشار في أخره إلى أن التبليغ والتسليم قد وقعا...".
وسندنا في هذا الطرح ، انه لا يعقل أن يتم تسليم نسخة من المنطوق كجزء أخير في الحكم، لأنه من شان ذلك أن يفصل بين منطوق الحكم الأسباب التي بني عليها من جهة، وبينه وبين الوقائع التي عرضها الأطراف إضافة إلى ما سبق، لو سلمنا بان المشرع يقصد بالمنطوق الوارد في الفقرة المذكورة الجزء الهام في الحكم، لتعذر على الأطراف القيام بالطعن في الحكم لان المنطوق وحده لا يسعف على ذلك، فالطعن وان كان يوجه إلى المنطوق فانه يوجه ضده في علاقته بالجزء المتعلق بالأسباب التي أقيم عليها.
لذلك ينبغي تفسير لفظ المنطوق الوارد في الفصل أعلاه، على أنه الحكم بكامله، إذ لو كان المراد به الجزء الأخير من الحكم لبين المشرع ذلك كما فعل في الفصل 451 من قانون الالتزامات والعقود، حيث قضي بأن : "قوة الشيء المقضي لا تثبت إلا لمنطوق الحكم، ولا تقوم إلا بالنسبة إلى ما جاء فيه أو ما يعتبر نتيجة حتمية ومباشرة له...".
ويعد منطوق الحكم الوسيلة التي تضمن حماية قضائية لحقوق الطرف المحكوم له إذ يصبح ممنوعا على الطرف المحكوم عليه المساس بالحق المحكوم به سواء بالتعدي من جديد أو بعدم تنفيذ الحكم الصادر بشأنه.
ويلزم أن يضمن القاضي في المنطوق موقفه من كل الطلبات التي تقدم بها الأطراف، وعليه أن يبث دائما وفقا للقانون، ولا يجوز له أن يمتنع عن الفصل في الدعوى، وإلا عرض نفسه للمسؤولية .
ويتميز المنطوق عادة بالاختصار والإيجاز، إذ يطنب القاضي في رده على طلبات الأطراف، وعليه أن يبت دائما وفقا للقانون، ولا يجوز له أن يمتنع عن الفصل في الدعوى، وإلا عرض نفسه للمسؤولية.
ويتميز المنطوق عادة بالاختصار والإيجاز، إذ يطنب القاضي في رده على طلبات الأطراف، لان من شان الإسهاب أن يغير من طبيعة المنطوق حيث ينتقل من جزء ينتقل من جزء يتضمن الحل إلى تسبيب وتعليل الحكم.
ويتكون المنطوق على الرغم من الاختلاف بين القضايا من ثلاثة أجزاء رئيسية. الأول يتعلق بشكل وبموضوع النزاع، فقد يكون المنطوق إما رفضا للطلب أو قبولا له، أو تعيينا لخبير، أو رفضا لمسالة متفرعة عن النزاع، والثاني يتصل بالمصاريف، حيث يقضي على خاسر الدعوى بمصاريفها سواء تعلقت بتقييدها أو بتبليغها أو بتنفيذها، وسواء تعلقت بأتعاب الخبير إذا عين في القضية أو الترجمان أن اقتضاه الأمر، أو بمصاريف التنقل أو انتقال الشهود أو الحراسة القضائية، أو غير ذلك من المصاريف التي تكون الدعوى قد تطلبتها.
أما الجزء الثالث فيتعلق بالتنفيذ، فإذا كان الحكم انتهائيا أو نهائيا وجب تنفيذه من غير حاجة إلى النص على ذلك، أما إذا كان غير نهائي، فيجب انتظار انصرام الآجال التي حددها القانون لممارسة طرق الطعن على انه للمحكمة في بعض الحالات أن تضفي عليه قوة تنفيذية تجعله قابلا للتنفيذ على الرغم من جواز الطعن فيه، كما هو الحال بالنسبة لما نصت عليه الفصول 147 و153 و212 و482 من قانون المسطرة المدنية ما لم يكن مشمولا بالتنفيذ المعجل بقوة القانون بشان الفصلين 179 و285 من ق.م.م.
وإذا كان الأصل أن يكون منطوق الحكم واضحا لا يحتاج إلى تأويل أو تفسير، فانه في بعض الحالات قد يكتنفه بعض الإبهام. ففي الحالة هل يجوز تفسيره أم لا؟
القاعدة العامة أو منطوق الحكم بعد صدوره عن المحكمة لا يسمح بمراجعته سواء بالتأويل أو التفسير، لكن استثناء أجاز المشرع تأويله إذا كان يثير بعض الصعوبات في فهمه. فقد نص الفصل 26 من قانون المسطرة المدنية على انه :
"تختص كل محكمة مع مراعاة مقتضيات الفصل 149 بالنظر في الصعوبات المتعلقة بتأويل أو تنفيذ أحكامها أو قراراتها وخاصة في الصعوبات المتعلقة بالمصاريف المؤذاة أمامها...".
وقبل الإفراغ من دراسة منطوق الحكم لا بد من التذكير بأنه يتمتع بحجية الشيء المقضي به، وكما هو معلوم، فان الحجية المذكورة تعد من الوسائل التي قررها المشرع لإثبات الالتزام، وتدخل في باب القرائن المقررة بمقتضى القانون، أو ما يعرف بالقرائن القانونية، وقد نص عليها المشرع في الفقرة الأخيرة من الفصل 450 من قانون الالتزامات والعقود.
وليس بخاف أن القرائن القانونية تتمتع بقوة إثبات فعالة، إذ تعفى من تقرر لمصلحته من كل إثبات، بل إنها لا تقبل أي إثبات يخافها.
ولما كان المنطوق يكتسي هذه الحجية، فانه لا يجوز التنكر لما جاء فيه، لأنه قرينة قانونية مقررة لفائدة المحكوم له. هذا فضلا على أن الحكم بكامله يعد سندا تنفيذيا يمكن لذي المصلحة أن يحتج به في مواجهة المحكوم عليه وان يجبره بمقتضاه على تنفيذ ما حكم له به.
المطلب الثاني: آثــــــــــــار الأحكام .
تترتب عن صدور الأحكام آثار هامة تتمثل في خروج النزاع عن ولاية المحكمة التي أصدرت الحكم، وفي تقرير الحق وتقويته، على أن أهم آثار الأحكام هو صيرورتها حجة بما نطقت به، أو ما يعبر عنه بقاعدة حجية الأمر المقضي ونتعرض باختصار في الفرع الأول لخروج النزاع من ولاية المحكمة و تقوية وتقرير الحقوق على أن نخصص الفرع الثاني لحجية الشيء المقضي فيه .
الفرع الأول : خروج النزاع من ولاية المحكمة و تقوية وتقرير الحقوق
الفقرة الأولى : خروج النزاع من ولاية المحكمة
يترتب عن صدور الحكم إجرائيا أو موضوعيا استنفاذ المحكمة سلطتها بالنسبة للقضية فلا يجوز لها العدول عنه ولا تعديله ولو تبين لها عدم صحة ما فصلت به ولذلك فلا يجوز للمحكمة التي قضت بعدم اختصاصها أن تحكم بعد ذلك باختصاصها كما لا يجوز للمحكمة أن تقضي بشمول حكمها بالنفاذ المعجل بعد أن سبق صدوره غير مشمول به وتستثنى من هذه القاعدة الحالات التالية:
1. يجوز للمحكمة أن تعيد النظر في الحكم الذي أصدرته إذا قدم الطعن فيه بطريق المعارضة أو التماس إعادة النظر أو اعتراض الغير الخارج عن الخصومة.
2. يجوز للمحكمة أن تصحح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية محضة كتابية كانت أو حسابية مثل الخطأ في كتابة اسم أحد الخصوم أو الخطأ في حساب مبالغ التعويضات.
3. يجوز للمحكمة أن تفسر ما يشوب حكمها من غموض.
4. إذا أغفلت المحكمة عن الفصل في طلب موضوعي صراحة كان أو ضمنيا فإنه يجوز لأحد الخصوم الرجوع أمام تلك المحكمة ليطالب منها بالفصل فيه والمثال عن حالات الإغفال الصريح نذكر حالة القضاء بإحالة الأطراف لرفع دعوى مستقلة بخصوص طلبات معينة قصد تفادي تأخير الفصل في الدعوى الأصلية كما يحدث غالبا بالنسبة لطلب استرداد الأثاث الذي يقدم بمناسبة دعوى الطلاق أما عن الإغفال الضمني فنذكر حالة القضاء بإسناد حضانة الأولاد للأم دون منحها النفقة المرتبطة بها.
5. يجوز لنفس المحكمة أن تنظر في نفس الطلبات إذا صدر الحكم سابقا برفض الدعوى في الحال بمعنى في حال الملف ويكون ذلك مثلا إذا كانت الدعوى غير مؤيدة بمبررات وأسانيد كافية .
الفقرة الثانية : تقوية وتقرير الحقوق .
القاعدة العامة أن يكون الحكم مقرر للحق محل النزاع ولا يخلق للخصوم حقوقا جديدة من أمثلة ذلك تقرير حق المديونية وحق الملكية ولكن لا يكفي الحكم الذي يصدر بتقرير الحق وإنما يقويه أيضا وذلك بإنشاء بعض المزايا للخصم الذي صدر الحكم لصالحه وأهمها:
أ‌. قطع النزاع في الحق المتنازع فيه ومنع المحكوم عليه من تجديده في المستقبل.
ب‌. نشوء سند رسمي هو نسخة الحكم القضائي يحل محل السند الذي كان أساسا للإدعاء ويخول له حق تنفيذه تنفيذا جبريا فور صدوره إذا كان معجل النفاذ وبعد استنفاذ طرقي الطعن العاديين وفوات ميعادهما.
أ‌. تصبح المدة المسقطة للحق 30 سنة ولو كان من الحقوق التي تنقضي بمدة التقادم القصير.
ب‌. يجوز لكل دائن بيده حكم واجب التنفيذ صادر في أصل الدعوى يلزم المدين بشيء معين أن يحصل على حق تخصيص بعقارات مدينه ضمانا لأصل الدين والمصاريف، إضافة إلى ذلك توجد أحكام منشئة لحالة جديدة لم تكن موجودة قبل صدوره مثل الحكم بالإفلاس أو بالتطليق.
الفرع الثاني : حجية الشيء المقضي فيه
حيث يترتب عن صدور الحكم اكتسابه حجية الشيء المقضي فيه والتي تعد قرينة قانونية مفادها أن الحكم يتضمن قضاء عادلا وصحيحا بمعنى أن الحكم قد صدر صحيحا من حيث الشكل وعلى حق من حيث الموضوع ولا يحوز الحكم حجية الشيء المقضي فيه إلا إذا توفرت فيه ثلاث عناصر نصت عليها المواد من 451 إلى 453 من قانون الالتزامات والعقود، وإن كان من الواجب أن تكون هذه العناصر في قانون المسطرة المدنية باعتبارها آثارا من آثار الأحكام. وهكذا جاءت المادة 451 من قانون الالتزامات والعقود تقضي بأن "قوة الشيء المقضي به لا تثبت إلا لمنطوق الحكم، ولا تقوم إلا بالنسبة إلى ما جاء فيه، أو ما يعتبر نتيجة حتمية ومباشرة له ويلزم :
1. أن يكون الشيء المطلوب هو نفس ما سبق طلبه
2. أن تؤسس الدعوى على نفس السبب
3. أن تكون الدعوى قائمة بين الخصوم ومرفوعة منهم وعليهم بنفس الصفة ويعتبر في حكم الخصوم الذين كانوا أطرافا في الدعوى ورثتهم وخلفائهم حيث يباشرون حقوق من انتقلت إليهم باستثناء حالة تدليس والتواطؤ.
وسنعمل على دراسة هذه الحالات، كل على حدة :
1. أن يكون الشيء المطلوب هو نفس ما سبق طلبه (أي وحدة المحل): وهو ما ترمي إليه الدعوى ويشترط لكي يتحد محل الدعوى أن تتحد العناصر الثلاثة التالية:
a. نوع القرار الذي يطلب من القاضي : ويكون تقريرا أو إنشاء أو إلزام أو قرارا وقتيا ويختلف المحل باختلاف هذا القرار فدعوى صحة عقد معين مختلفة عن دعوى إلزام الخاصة بتنفيذ التزام ناشىء عن هذا العقد.
b. نوع الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته : فالدعوى التي ترمي إلى تقرير حق ملكية أرض تختلف عن دعوى تقرير حق الإرتفاق على هذه الأرض ودعوى الحيازة تختلف عن دعوى الملكية.
c. ذاتية الشيء محل الحق المطلوب حمايته : فدعوى تقرير ملكية عقار تختلف عن دعوى تقري ملكية عقار أو منقول آخر ولكن هذا ينفي محل وحدة الدعوى أن يكون المطلوب في دعوى مجرد نفي المطلوب في دعوى سابقة مثل دعوى صحة عقد ودعوى بطلانه.
2. أن تؤسس الدعوى على نفس السبب (أي وحدة السبب) : يتمثل السبب في الأساس الواقعي والقانوني الذي تتأسس عليه الدعوى فإذا رفع شخص دعوى بطلان عقد على أساس الغلط أو التدليس ورفضت دعواه فليس هناك ما يمنعه من أن يجدد دعواه بالبطلان على أساس نقص الأهلية أو الاستغلال لكن يجب التفرقة بين سبب الدعوى وأدلتها فإذا استند المدعي على ورقة عرفية لإثبات ما يستوجب تقديم ورقة رسمية وخسر دعواه فإنه لا يستطيع رفع نفس الدعوى استنادا إلى أدلة أخرى مهما كانت قوتها والحجية تثبت للحكم بمجرد صدوره أو غيره دون الإخلال بحق الطعن فيه بالطرق المقررة قانونا وتشمل المنطوق والأسباب المكملة له والمرتبطة به ارتباطا وثيقا ولازما ولكن لا ترد الحجية على كل ما يتضمنه منطوق الحكم من عبارات إنما يقتصر على ما يكون منها فاصلا في الدعوى فالحكم القضائي بالنفقة للإبن ليس له حجية في النسب ولو وصف المحكوم له كإبن في المنطوق طالما ان موضوع النسب لم يكن محل طلب أو دفع من الخصوم .
3. أن تكون الدعوى قائمة بين الخصوم ومرفوعة منهم وعليهم بنفس الصفة (أي وحدة الأطراف) : لا تتعدى حجية الشيء المقضي فيه أطراف الدعوى وهو شأن العقد الذي لا تسري آثاره سوى بين أطرافه ولا تمتد إلى الغير والعبرة بالصفة في الدعوى لا بالصفة في التقاضي فيعد طرفا في الدعوى كل من شارك في الخصومة باعتباره مدعيا أو مدعى عليه أو متدخلا أو مدخلا سواء قام بذلك بنفسه أو عن طريق ممثل فإذا قام الشخص برفع دعوى باعتباره ممثلا وصدر الحكم فيها يجوز له تجديد نفس الدعوى بصفته أصيلا والعكس ممكن حيث يجوز لمن رفضت دعواه أن يكون وكيلا عن شخص آخر في رفع ومباشرة نفس الدعوى ولا يعد غيرا لخلف عام للخصوم كالورثة والموصى لهم وخلفهم الخاص بالنسبة للأحكام التي تتعلق بالأموال التي اكتسبوا عليها حقوق من صاحبها الأصلي.


خاتمة :
تقوم السلطة القضائية بمهمة تطبيق القوانين والفصل في المنازعات التي تعرض عليها من قبل الأطراف ولن يتأتى ذلك إلا بواسطة الأحكام التي تصدرها وتكون لها قوة خاصة وأبرزها قابليتها للتنفيذ الجبري ودلك باستعمال القوة عند الاقتضاء ثم حيلولتها دون إثارة النزاع المحكوم فيه مرة أخرى أمام القضاء بين نفس الخصوم وهده الأخيرة هي ما يسمى بحجية الأحكام أو بحجية الشيء المقضي لكن من الصعب أن تطمئن جميع النفوس إلى الحكم القضائي الصادر في نزاع ما باعتبار أن الخصم دائم الشعور بكونه لم تقع الاستجابة لكافة طلباته في الدعوى مما يزرع رغبة الطعن في دلك الحكم وفي هدا الصدد فان المشرع المغربي وعلى غرار باقي التشريعات الحديثة اوجد عدة وسائل لتحقيق هدا الهدف ومن بين هده الوسائل طبعا طرق الطعن في الأحكام القضائية وهدا ما سيتم التطرق إليه في العرض المقبل .












المراجع :
 محمد لمعكشاوي، الوجيز في الأحكام القضائية وطرق الطعن فيها في ضوء قانون المسطرة المدنية، الطبعة الأولى 2011، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء
 عبد العزيز حضري، الوجيز في القانون القضائي الخاص، الطبعة الأولى 1996، رقم الإيداع القانوني : 1995-77
 محمد سعيد عبد الرحمن، الحكم القضائي (أركانه وقواعد إصداره)،دار الفكر الجامعي، 30ش سوتير الازاريطة الإسكندرية، الطبعة الأولى 2008
 الدكتور عبد الكريم الطالب *الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية *طبعة 2009
 البكاي المعزوز*المختصر في المسطرة المدنية طبعة 2012-2013
 محمد فهمي وحامد فهمي، المرافعات المدنية والتجارية، مكتبة عبد الله وهبة 1940
 الطيب برادة، إصدار الحكم القضائي وصياغته الفنية في ضوء الفقه والقضاء،منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية، الرباط – ط 1996 ،
 العلوي العبدلاوي (ادريس)، الوسيط في شرح المسطرة المدنية (القانون القضائي الخاص) وفق اخر التعديلات، ج1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط.1/1998.
 عباس العبودي، شرح أحكام قانون التنفيذ، دار الثقافة للنشر والتوزيع 2007، الطبعة الأولى



إعداد الطلبة :
 أشرف كلاني
 عبد العزيز بلات أولطوفي
 فريدي عبد الهادي
 محمد الريحاني
 مولاي ادريس طائع
 بشرى بن براهيم
 زينب العجاج
 صفاء فهمي




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://contadmin.yoo7.com
 
الأحكام القضائية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تبليغ الأحكام القضائية
» الطعون القضائية
» المنازعات القضائية حول أراضي الجموع
» امتناع الإدارة عن تنفيذ القرارات القضائية يقتضي تعويض الطرف المتضرر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ماستر القضاء الإداري :: قسم خاص بطلبة الدراسات العليا :: محاضرات ووثائق خاصة بالماستر :: السداسية الثانية :: المسطرة المدنية-
انتقل الى: